يو – جي – أوه – دوم – ويكي – اتكي. مرَّ على هذه الكلمات وقرأها بلا مبالاة، وهو مستلقٍ على الكنبة، يشاهد على التلفزيون فيلماً مصرياً اسمه المومياء، يتحدث عن الحضارة الفرعونية القديمة. لم يكن يتصور أبداً أن معناها في اللغة الصينية العريقة عيون الدراجون الزرقاء تحسد الضوء. وهي لعنة شيطانية يلقيها كهنة المعابد على مريديهم، ليكتسبوا لمرة واحدة قوى مظلمة غير طبيعية، تمكنهم من تدمير أعدائهم.
دخلت هذه الطاقة السلبية مباشرة مثل الدخان الأسود إلى عينيه، ساعدها على ذلك الضوء الخافت، وجوّ الغرفة المشبع بالسحر والشعوذة، وأنه كان في حالة استرخاء تام، ولم يكن يدرك حينها، أن هناك بعض الكلمات والأرقام التي لا ينبغي قراءتها أو كتابتها على الإطلاق، لكونها تشكل خطورة على حياة الإنسان.
بعد أن دخلت فيه هذه اللعنة، أحسّ بأعراض غريبة، بدأ بالتثاؤب، وانتابه نوع من الخوف من المجهول والشعور بصعوبة التنفس. أخذ يتخيل وجود أفاعٍ وقطط سوداء ميتة منتشرة حوله في كل أنحاء الغرفة. لقد أصبح في هذه اللحظة قادراً على أن يصيب بعينه ضمن فترة زمنية محدودة أيَّ شخص يريده، لمجرد التركيز بنظره عليه أو على صورته، وتستمر هذه اللعنة لستٍّ وستين دقيقة من بداية دخولها. فالرقم ستة له علاقة بالشيطان، واسم الشيطان الملقب بالوحش ستمئة وستة وستين، لذلك يجب على الأشخاص ألا يكتبوا هذا الرقم، أو يبحثوا عنه في الكتب أو الإنترنت، لأنهم بطريقة غير مباشرة يستدعون الشيطان للحضور إليهم. الوقت يداهمه، عليه أن يتذكر بسرعة الأشخاص الذين لا يستسيغهم للتخلص منهم. فبدأ بزوج جارته الحسناء، والذي يسكن بالطابق الخامس من البناء نفسه.
لقد كان يكره هذا الشخص البدين ذا الرأس الكبيرة، الذي يذكره دائماً بشكل الخنزير البري. ولعل حسده له نابع من زواجه بالصبية الجميلة لمياء، التي تصغره بأكثر من عشرين سنة. والتي تزوجته طمعاً في ماله. كان يتبادل دائماً مع لمياء نظرات الإعجاب، عندما يجتمعان بالمناسبات والأعياد. إنه يحسده عليها، وكم يتمنى لو أن جاره يموت وترثه لمياء، لكي يستطيع الزواج منها.
أخرج ألبوم الصور من أحد الأدراج، واختار صورة لجاره، كانت قد التقطت في حفلة عرسه بلمياء. بدأ بالتركيز على وجه الخنزير، ليحمل الطاقة السلبية الموجودة بداخله، ويرسلها من خلال عينيه إلى رأسه، متخيلاً أنه الآن وبينما هو يقود سيارته المرسيدس السوداء سيصطدم بالباص، فيخبط رأسه بزجاج النافذة الأمامي فتتهشّم جمجمته، وسيتم نقله إلى المستشفى ليموت بعد فترة قصيرة.
لكن لكي توافق لمياء على الزواج منه، لابد من التخلص من زوجته، أما ابنه الوحيد فسيرسله إلى عند أمه لكي يتربى ويعيش بكنفها. إنها امرأة فاضلة وأفضل من زوجته بمئات المرات. وسيشعر الصبي بالسعادة مع جدته التي تحبه كثيراً. أما الآن، فعليه أن يتخلص بأسرع ما يمكن من زوجته البقرة السمينة، حتى لا تضيع منه لمياء، وتفكر بالزواج من شاب آخر.
نظر إلى صورة زوجته الزيتية المعلقة على جدار صالون الضيوف. بدأ بالتركيز على عينيها السوداوين الصغيرتين، أخذ يتخيل أنها الآن، في أثناء عودتها إلى البيت، وبينما هي تقطع شارع المالكي ستضربها سيارة تاكسي مسرعة، ما سيؤدي إلى وفاتها فوراً في مكان الحادث.
تذكر بأن عليه أن يتخلص أيضاً من والد زوجته، فهو قاضٍ في محكمة التمييز، وله علاقات كثيرة مع كبار المسؤولين بالدولة. منذ البداية لم يكن يحبه، ولقد تزوج ابنته رغماً عنه بعد قصة حب طويلة، وعادة الأشخاص الذين لا نحبهم يبادلوننا المشاعر نفسها. إنه بلا شك، سيعارض بزواجه من لمياء. أخرج صورة له من ألبوم الصور، واختار واحدة واضحة بالأسود والأبيض، وبدأ بالتركيز عليه، توهم أنه الآن جالسٌ خلف مكتبه بالمحكمة. سيصاب بهذه اللحظة بسكتة دماغية، وسيشعر بخدر في طرفه الأيمن، ويصبح عاجزاً عن الكلام بشكل واضح، نظراً لهبوط جانب فمه للأسفل، وسيليه دوار قوي، يؤدي إلى غيابه عن الوعي، وبعدها سيتم نقله إلى المستشفى، ليفارق فيها الحياة.
عندما وصل إلى هنا، كان قد مرّ أكثر من ستين دقيقة. بدأ يشعر بالتعب. أحسّ بأنه استهلك كثيراً من طاقته الداخلية، ما جعله يفقد قدرته على التركيز. للإنسان طاقة سلبية كبيرة ضد الأشياء التي لا يمتلكها، والتي يحلم دائماً بالحصول عليها.
رنَّ جرس الموبايل، وكان مخفر المالكي يطلب منه الحضور بسبب حادثة وقعت لزوجته، ما كاد يغلق الهاتف حتى شعر بجلبة في مدخل البناء، فالخادمة السيرالنكية أخذت تولول بصوتٍ عالٍ، يبدو أن أخباراً سيئة قد وصلت للمياء عن زوجها. بالوقت نفسه رنّ جواله من جديد، إنها حماته اللعينة، تسأله عن مكان وجود ابنتها، طالبة منه النزول إلى المستشفى الجامعي فوراً، لأن حماه قد تعرض لجلطة دماغية.
لم يبقَ على انتهاء مفعول اللعنة سوى دقيقة واحدة، لقد شعر بسعادة كبيرة، وأيقن بأن طاقته السالبة التي جاءت عن طريق الحسد قادرة على تدمير كل ما يبتغيه. نظر مزهواً إلى صورة لمياء الحسناء، إنها بعد أسابيع قليلة ستصبح زوجته الجديدة، لقد أصبح يملك كل ما يريد، ثم سمع صوت ارتطام عالٍ قادم من خارج البناء، فخرج إلى البلكونة ليعرف السبب، فشاهد جثة لمياء ملقاةً على الرصيف ملطخةً بالدماء. لقد اختلَّ توازنها وهي تقف على طرف البلكونة، تراقب الناس القادمين لتعزيتها، لاشك أنَّ اللعنة قد أصابتها أيضاً.